طفولة في مهب الرياح
تحقيق من إنجاز لحبيب السليماني و خالد اشطيبات
تصدمك وارع مدينة طنجة و أنت تعاين خلال تجوالك بها عددا من الأطفال في أسمال بالية وسخة ، حفاة ، يمدون أيديهم للمارة يرددون " خويا ...الشريف ..الشريف . دبر على خوك راه دار به الزمان . الله يرحم والديك دبر عليا ...شي صدقة الله يرحم الوالدين ........" وصيغ لا حصر لها من خطاب التوسل و الإستجداء : كلمات اعتادت ساكنة مدينة طنجة على سماعها بشوارع المدينة ، خاصة قرب المطاعم ، والمقاهي ، وعلى مفترقات الطرق ، والإشارات الضوئية.
يقدمون أنفسهم دون أن تسأل : محرومون من التعليم ، محرومون من دفء الأسرة و عطف الأبوين ، محرومون من العطف الإنساني ، محرومون من احترام المجتمع ، محرومون من الصحة ، محرومون من.... محرومون من ....
أطفال في عمر الزهور لا حول لهم ولا قوة ، يستنشقون مادة " السيليسيون " (مادة لزجة لصقة تستخدم لإصلاح إطار العجلات ) يجوبون مختلف أرجاء المدينة ليلا و نهارا ، يتسولون أو ينشلون ، تارة فرادى وتارة جماعات ، البعض الآخر رمت به "الحكرة" إلى أبواب المطاعم يستجدي الناس أعطوه أو منعوه . استجداء لا يصل إلى الأذان الصم و البطون المنتفخة الشبعانة ، فلا يقابلون في أغلب الأحيان إلا بالقهر والشتم ، يتطوران في كثير من الأوقات إلى مطاردات بين الأزقة لا تخلو من ضرب ولكمات .
يقدمون أنفسهم دون أن تسأل : محرومون من التعليم ، محرومون من دفء الأسرة و عطف الأبوين ، محرومون من العطف الإنساني ، محرومون من احترام المجتمع ، محرومون من الصحة ، محرومون من.... محرومون من ....إلخ.
إنه كاوس مزعج تعيشه هذه الفئة المحرومة التي لفظها المجتمع على صغر سنها ، كابوس يتجاوز هدوء الليل وقسوته عليهم ، ليستمر اليوم كله والشهر و السنة كلها ، وربما لعدة سنين لتصبح هذه الفئة شريحة غير مرغوب فيها داخل المجتمع ووجب التخلص منها.
حال وواقع تعاينه و أنت تجوب شوارع مدينة طنجة ، خصوصا في فصل الصيف حيث ينتشرون في ميناء ذات البحرين ، بحثا عن أية فرصة للعبور نحو أرض الأحلام ، علهم يحصلون على أوراق الإقامة لتحسين وضعهم الاجتماعي ، وقد تجدهم في ساحة 9 ابريل التاريخية يتسولون ، وفي المنازل المهجورة أو الشاحنات المعطوبة يمارسون الجنس و يغتصبون ، أو يتعاطون المخدرات .
إنه حال مؤلم يفرض عليك فرضا كثيرا من التساؤلات :
كيف وصل هؤلاء الأطفال إلى الشارع ؟ من المسؤول عن أوضاعهم المزرية ؟ ما مصيرهم ؟ و ما دور المجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة ؟
بوح طفولة ضائعةعجز الأسرة عن تحقيق أمن الطفل ( الغذائي ،الصحي،التربوي، السكني،الترفيهي….) في ممارسة وجوده و كيانه و توفير حقه في اللعب ، كل هذه الأمور بلا شك إذا ما تم حرمانه منها يشكل نقصا و تفريطا في حق من حقوقه ، و تفضي إلى التشرد ومن ثم الإنحراف.
من وجهـــــة النظر الحقوقية
تـــــرى الحقوقية و الناشطة الجمعوية الأستاذة رشيدة بلباه أن هــؤلاء الأطفال الذين يطلق عليهم المشرع اسم الأحداث الجانحين لديهم نصوص قانونية خاصة تحميهم من الضياع و التشرد . إذ هناك فصول في القانون الجنائي تهم الأحداث الجانحين صادق عليها المغرب باعتباره عضوا في المجموعة الدولية، كما صادق على عدة اتفاقيات تهتم بالأطفال بصفة عامة ، و المشردين بصفة خاصة ، إذن فهو ملزم بتحسين أوضاعهم عن طريق تأسيس مؤسسات إصلاحية و اجتماعية تكون تابعة للدولة ، وإحداث جمعيات لرعاية هؤلاء الأطفال و تربيتهم و تعليمهم و تلقينهم الحرف المهنية ، وبالتالي مساعدتهم على الإندماج داخل المجتمع .
تنص المادة 2 من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 نونبر 1989 و تم العمل بها في ثاني شتنبر 1990.
- تطوير البرامج الاجتماعية لمكافحة الفقر، و تعميم التغطية الاجتماعية خاصة للأسر الضعيفة و أصحاب الدخل المحدود .
- إنشاء مراكز تأهيل مهنية ونفسية واجتماعية للأطفال خاصة في الأحياء الفقيرة والهامشية و التأكيد على الجانب المهني ( تعلم حرف ومهن حرة....) إذ يعتبر الوسيلة الأنجع لإعادة إدماج الأطفال المشردين في الحياة الاجتماعية كما أكدت على ذلك عدة دراسات.
- إنشاء مراكز جديدة لحماية الطفولة تعتمد رؤية جديدة في استقبال الأطفال ، بالإضافة إلى تحسين الخدمات المقدمة لهم لكي لا يهربوا منها كما هو الحال في كثير من هذه المراكز.
- تفعيل دور الإعلام الوطني : تنبيه الرأي العام لخطورة الظاهرة و ضرورة معالجتها .
- إشراك شبكة من مؤسسات المجتمع المدني في عملية احتضان هؤلاء الأطفال .
تحقيق من إنجاز لحبيب السليماني و خالد اشطيبات
تصدمك وارع مدينة طنجة و أنت تعاين خلال تجوالك بها عددا من الأطفال في أسمال بالية وسخة ، حفاة ، يمدون أيديهم للمارة يرددون " خويا ...الشريف ..الشريف . دبر على خوك راه دار به الزمان . الله يرحم والديك دبر عليا ...شي صدقة الله يرحم الوالدين ........" وصيغ لا حصر لها من خطاب التوسل و الإستجداء : كلمات اعتادت ساكنة مدينة طنجة على سماعها بشوارع المدينة ، خاصة قرب المطاعم ، والمقاهي ، وعلى مفترقات الطرق ، والإشارات الضوئية.
يقدمون أنفسهم دون أن تسأل : محرومون من التعليم ، محرومون من دفء الأسرة و عطف الأبوين ، محرومون من العطف الإنساني ، محرومون من احترام المجتمع ، محرومون من الصحة ، محرومون من.... محرومون من ....
أطفال في عمر الزهور لا حول لهم ولا قوة ، يستنشقون مادة " السيليسيون " (مادة لزجة لصقة تستخدم لإصلاح إطار العجلات ) يجوبون مختلف أرجاء المدينة ليلا و نهارا ، يتسولون أو ينشلون ، تارة فرادى وتارة جماعات ، البعض الآخر رمت به "الحكرة" إلى أبواب المطاعم يستجدي الناس أعطوه أو منعوه . استجداء لا يصل إلى الأذان الصم و البطون المنتفخة الشبعانة ، فلا يقابلون في أغلب الأحيان إلا بالقهر والشتم ، يتطوران في كثير من الأوقات إلى مطاردات بين الأزقة لا تخلو من ضرب ولكمات .
يقدمون أنفسهم دون أن تسأل : محرومون من التعليم ، محرومون من دفء الأسرة و عطف الأبوين ، محرومون من العطف الإنساني ، محرومون من احترام المجتمع ، محرومون من الصحة ، محرومون من.... محرومون من ....إلخ.
إنه كاوس مزعج تعيشه هذه الفئة المحرومة التي لفظها المجتمع على صغر سنها ، كابوس يتجاوز هدوء الليل وقسوته عليهم ، ليستمر اليوم كله والشهر و السنة كلها ، وربما لعدة سنين لتصبح هذه الفئة شريحة غير مرغوب فيها داخل المجتمع ووجب التخلص منها.
حال وواقع تعاينه و أنت تجوب شوارع مدينة طنجة ، خصوصا في فصل الصيف حيث ينتشرون في ميناء ذات البحرين ، بحثا عن أية فرصة للعبور نحو أرض الأحلام ، علهم يحصلون على أوراق الإقامة لتحسين وضعهم الاجتماعي ، وقد تجدهم في ساحة 9 ابريل التاريخية يتسولون ، وفي المنازل المهجورة أو الشاحنات المعطوبة يمارسون الجنس و يغتصبون ، أو يتعاطون المخدرات .
إنه حال مؤلم يفرض عليك فرضا كثيرا من التساؤلات :
كيف وصل هؤلاء الأطفال إلى الشارع ؟ من المسؤول عن أوضاعهم المزرية ؟ ما مصيرهم ؟ و ما دور المجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة ؟
بوح طفولة ضائعةعجز الأسرة عن تحقيق أمن الطفل ( الغذائي ،الصحي،التربوي، السكني،الترفيهي….) في ممارسة وجوده و كيانه و توفير حقه في اللعب ، كل هذه الأمور بلا شك إذا ما تم حرمانه منها يشكل نقصا و تفريطا في حق من حقوقه ، و تفضي إلى التشرد ومن ثم الإنحراف.
من وجهـــــة النظر الحقوقية
تـــــرى الحقوقية و الناشطة الجمعوية الأستاذة رشيدة بلباه أن هــؤلاء الأطفال الذين يطلق عليهم المشرع اسم الأحداث الجانحين لديهم نصوص قانونية خاصة تحميهم من الضياع و التشرد . إذ هناك فصول في القانون الجنائي تهم الأحداث الجانحين صادق عليها المغرب باعتباره عضوا في المجموعة الدولية، كما صادق على عدة اتفاقيات تهتم بالأطفال بصفة عامة ، و المشردين بصفة خاصة ، إذن فهو ملزم بتحسين أوضاعهم عن طريق تأسيس مؤسسات إصلاحية و اجتماعية تكون تابعة للدولة ، وإحداث جمعيات لرعاية هؤلاء الأطفال و تربيتهم و تعليمهم و تلقينهم الحرف المهنية ، وبالتالي مساعدتهم على الإندماج داخل المجتمع .
تنص المادة 2 من الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 نونبر 1989 و تم العمل بها في ثاني شتنبر 1990.
- تطوير البرامج الاجتماعية لمكافحة الفقر، و تعميم التغطية الاجتماعية خاصة للأسر الضعيفة و أصحاب الدخل المحدود .
- إنشاء مراكز تأهيل مهنية ونفسية واجتماعية للأطفال خاصة في الأحياء الفقيرة والهامشية و التأكيد على الجانب المهني ( تعلم حرف ومهن حرة....) إذ يعتبر الوسيلة الأنجع لإعادة إدماج الأطفال المشردين في الحياة الاجتماعية كما أكدت على ذلك عدة دراسات.
- إنشاء مراكز جديدة لحماية الطفولة تعتمد رؤية جديدة في استقبال الأطفال ، بالإضافة إلى تحسين الخدمات المقدمة لهم لكي لا يهربوا منها كما هو الحال في كثير من هذه المراكز.
- تفعيل دور الإعلام الوطني : تنبيه الرأي العام لخطورة الظاهرة و ضرورة معالجتها .
- إشراك شبكة من مؤسسات المجتمع المدني في عملية احتضان هؤلاء الأطفال .