من الأمور المقررة عند جميع الناس أن اللقاء الأول في الغالب يطبع أكثر من 70% من الصورة عنك .. وهي ما يسمى بالصورة الذهنية .
أذكر أن مجموعة من الضباط سافروا إلى أمريكا في دورة تدريبية .. وكانت الدورة في التعامل الوظيفي ، وفي أول يوم حضروا إلى القاعة مبكرين ، جعلوا يتحدون ويتعارفون .. دخل عليهم المدرس فجأة فسكتوا ... فوقعت عين المدرس على طالب لا يزال مبتسماً .. !
صرخ به المعلم : لماذا تضحك ؟
قال المبتسم : عذراً .. ما ضحكت ..!
قال : بلى تضحك ..
ثم جعل يؤنبه : أنت إنسان غير جاد ، المفروض أن تعود إلى أهلك على أول رحلة طيران .. لا أتشرف بتدريس مثلك ... والطالب المسكين قد تلون وجهه ، وجعل ينظر إلى مدرسه ، ويلتفت إلى زملائه ، ويحاول حفظ ما تبقى من ماء وجهه .. !
ثم حدق المدرس فيه النظر عابساً وأشار إلى الباب وقال : اخرج ...
قام الطالب مضطرباً ، وخرج ..
نظر المدرس إلى بقية الطلاب وقال : أنا الدكتور فلان .. سأدرسكم مادة كذا ... ولكن قبل أن أبدأ الشرح ،،، أريدكم أن تعبئوا هذه الاستمارة ... دون كتابة الاسم ، ثم وزع عليهم استمارة تقييم للمدرس ، وفيها خمس أسئلة :
1- ما رأيك بأخلاق مدرسك ؟
2- ما رأيك بطريقة شرحه ؟
3- هل يقبل الرأي الآخر ؟
4- ما مدى رغبتك في الدراسة لديه مرة أخرى ؟
5- هل تفرح بمقابلته خارج المعهد ؟
كان أمام كل سؤال منها اختيارات : ممتاز ، جيد ، مقبول ، ضعيف . عبّأ الطلاب الاستمارة وأعادوها إليه ، وضعها جانباً . وبدأ يشرح فن التعامل في الجو الوظيفي ، ثم قال : أوه ! ... لماذا نحرم زميلكم من الاستفادة !؟ فخرج إليه ، وصافحه وابتسم له وأدخله القاعة ..
ثم قال : يبدو أنني غضبت عليك قبل قليل من غير سبب حقيقي ، لكني كنت أعاني من مشكلة خاصة ، أدت بي أن أصب غضبي عليك ، فأنا أعتذر إليك ، فأنت طالب حريص ، يكفي في الدلالة على حرصك تركك لأهلك وولدك ومجيئك هنا ... أشكرك ، بل أشكركم جميعاً على حرصكم ، ومن أعظم الشرف لي أن أدرس مثلكم ، ثم تلطف معهم وضحك قليلاً ، ثم أخذ مجموعة جديدة من الاستمارات وقال : ما دام أن زميلكم فاته تعبئة الاستمارة فما رأيكم أن تعبئوها كلمكم من جديد ... ووزع عليهم الأوراق ، فعبؤوها وأعادوها إليه .
فأخرج الاستمارات التي عبؤوها في البداية وأخرج الأخيرة وجعل يقارن بينها ... :
فإذا الخانة الخاصة بـ ( ضعيف ) في التعبئة الأولى كلها مليئة ..
أما الثانية فليس فيها ضعيف ولا مقبول أبداً ..
فضحك وقال لهم : كان ما رأيتم دليلاً عملياً على تأثير التعامل السيئ على بيئة العمل بين المدير وموظفيه .. وما فعلته بزميلكم كان تمثيلاً أردت أن أجريه أمامكم .. لكن صديقكم كان الضحية ..فانظروا كيف تغيرت نظرتكم بمجرد تغير تعاملي معكم ، هذا من طبيعة الإنسان ، فلابد من مراعاته ،
خاصة مع مَن تلتقي بهم لمرة واحدة فقط ..!
اقتراح :
أول لقاء يطبع 70% من الصورة عنك ..
فعامل كل إنسان على أن هذا هو اللقاء الأول والأخير بينكما .]
..
مقتطفات من كتاب استمتع بحياتك
د/ محمد عبد الرحمن العريفي
ارجو ان تنال اعجابكم